غيرة العراقي قــــــــ/ــــنــاصـ ذهـ~بي
| موضوع: مواقف يعرق لها الجبين الجمعة يناير 14, 2011 12:57 am | |
| ليؤذن المؤذن بينكم، "أيها الملالي إنكم لخائنون".. فما أعظم من خيانة أمة تشهد الشهادتين، يسع بذمتها أدناها وهي يد على من سواها..
قبل أن يقول اتباعه لا تصدقوا رامسفيلد إنه كذاب، وأن كل ما احتوته مذكرات وزير الدفاع الأمريكي الأسبق من إدانة واضحة لسلوك المرجع الأعلى في العراق وكثير من دول العالم، هي محض اختلاقات وتخرصات من رجل يكره الإيراني السيستاني ودولته، ويبادل اتباع السيستاني بغضاً ببغض وهم يهتفون بكل جوارحهم ويصرخون بحناجرهم "الموت لأمريكا"، وعليه فإن من يوالي النبي وعترته لا يمكن أن يخون أمته ويرتمي في أحضان "الشيطان الأكبر"، وستصدر البيانات نافية بل بدأت بالفعل بالصدور؛ فإن الجدير بهم التريث قليلاً في التعاطي السلبي مع مذكرات رامسفيلد، وأن يمنحوا عقولهم فرصة لتصديق اعترافاته، لأن الرجل استطاع تغيير قناعة غدت راسخة عند معظم ساكني الإقليم، كانت تسيء بشدة إلى السيستاني باعتباره سلّم العراق للأمريكيين بلا ثمن، بينما الشهادة الأخيرة تفيد بأن الثمن كان مائتي مليون دولار نظير إصدار فتوى واحدة، ناهيكم عن فتاويه بشأن التصويت على الانتخابات البرلمانية في دوراتها المختلفة ودوره في معركة النجف وتمكنه من لعب دور رمانة الميزان بين القوى الشيعية المختلفة على كعكعة النفط وغيرها في العراق.
الثمن ليس هيناً في نطاقه الشخصي ، والمبرر سيساق، وماذا سنفعل ما دام العراق كان مصيره الغزو شئنا أم أبينا؟! لكنه عند النظر له بمعياره الديني والأممي سيكون بخساً في صفقة أقل ما يقال عنها أنها كانت حقيرة (إذا سلمنا بشهادة رامسفيلد). وإذا كان رامسفيلد قد أكد على سهولة الوصول إلى مقر السيستاني برغم احتجابه عن الناس لأسباب تتعلق بطقس "الستر" الذي يمنح بموجبه اتباعه وحاشيته هالة تقديس وغموضاً يساهم في صنع الكاريزما الفريدة ويمنح البسطاء فرصتهم في إضفاء رمزية غير محسوبة لديه بما يوفر الخيال الخصب لكل صاحب وهم من تصورات، وإذا كان قد نوه إلى أحضان السيستاني وقبلاته التي يضن بمثلها على "النواصب" و"التكفيريين" و"الصداميين" و"الوهابيين" مثلما تملي عليه اجندته؛ فإن ما نطقت به مذكرات دونالد رامسفيلد حول قدم العلاقة والوسيط الذي مثل حلقة الوصل بين "الآية العظمى" و"القوة العظمى"، هو أهم بكثير من فضيحة المائتي مليون دولار، فلقد صارت العلاقة الأمريكية/الإيرانية معروفة لكل مراقب لشؤون العراق وشجونه، ولم يعد في الأمر سر كبير، عدا حجم الصفقة وبعض تفاصيلها، و"التكييفات الفقهية" التي سمحت ببيع العراق للولايات المتحدة و"إسرائيل" بأي ثمن فضلاً عن أن يكون بخساً كهذا.
صحيح أن السيستاني وأتباعه قد حصلوا على أكثر من مجرد هذه الملايين كحكام بأمر واشنطن ولندن وتل أبيب وطهران إلا أن حجم "الهدية" يبدو هيناً بل رخيصاً إلى درجة غير متصورة في صفقة تم بموجبها التفريط في دولة تعد ارض الانبياء ومهد الحضارات.
على أن ذلك يتضاءل في أهمية نشره مع الحديث عن البداية وعن حلقة الوصل التي قربت بين "الصديقين"، البروتستاني المحافظ معلم التوراة وواعظ الإدارة الأمريكية إبان حكم بوش، وصاحب اللقب الأثير في العراق زعيم حوزتها الصامتة، وهو وكيله في الكويت، الذي تحكي المذكرات ـ ولعلها صادقة ـ أنها قد بدأت عام 1987 أي قبل ثلاث سنوات من غزو العراق للكويت، بما يشي بأن الإدارة الأمريكية قد أولت "الحكام الإيرانيين" القادمين مستقبلاً في العراق أهمية خاصة، قبل أن تبدأ خدعة السفيرة الأمريكية، وقبل أن تفجر قنبلة حقل الرميلة، بل قبل انتهاء الحرب الإيرانية العراقية ذاتها في العام 1988، وفي الوقت الذي كانت تدعي فيه أمريكا أنها حليفة للعراق في حربه ضد إيران، بل في الوقت نفسه الذي وصف فيه رامسفيلد بأنه كان "مهندس العلاقات الأمريكية العراقية" على حد تعبير واشنطن بوست قبل ثماني سنوات.. فما الدور إذن الذي قام به السيستاني ووكيله في الكويت في هذا الوقت بالذات (إستنادا لشهادة رامسفيلد)؟!
الأخطر، هو في الشق الأمريكي وبعيداً عن التلاسن ـ إن جاز التعبير ، لنعبر إلى الشق الآخر من "الفضيحة"، وهو ما يخص الأمريكيين أنفسهم، ومع تسليمنا ببراجماتيتهم غير المحدودة، ولننعش ذاكرتنا جيداً بما يواكب الترويج لأكذوبة ضرب إيران، ومنعها من امتلاك الأسلحة النووية، ومنعها من مد نفوذها في دول الجوار الخليجية، فدون النظر إلى الوكيل الكويتي، دعونا نسأل عن حجم الثقة التي توافرت لدى الأمريكيين عن "صدق نوايا الأصدقاء الإيرانيين" جعلتهم يقدمون على ذلك، وما الذي طمأن واشنطن لدفع هذه الأموال الطائلة لرجل ربما ـ أقول ربما ـ تستجاش لديه "العاطفة الدينية" فيأخذ من الأمريكيين ولا يعطيهم.. هل هي إذن لحظة عارضة مرت بها تلك العلاقات أم أنها وحدة الهدف وإدراك أمريكي واثق لمتانة العلاقة المبدئية وحتى الدينية التي يمكن التعويل عليها في ضمان تحقيق مآرب الأمريكيين؟
ليتريثوا قليلاً ويطامنوا من احتقانهم الزائد؛ فلأن يقال قبض الثمن "أشرف" مائتي مليون مرة من أن يتردد طوال السنين الماضيات أنه قد سلمه هدية بلا مقابل!!
| |
|